Archive for the ‘بيكار فى عيون إبراهيم عيسى’ Category

& تأملات فى حياة الروح &

ديسمبر 28, 2009

* الجزء الخامس تأملات فى حياة الروح *

إستكمالاً لفقراتنا السابقة فى تأملات فى حياة الروح تعالوا بنا نواصل بعض المقتطفات من الآثار البهائية ونحاول معاً التفكر فى كيفية تطبيقها عملياً فى حياتنا حتى نرتشف من بحر الفيض الإلهى :

” … الغيبة تطفئ سراج القلب المنير ، وتميت الحياة من الفؤاد.”

 بهاء الله الإيقان

” لا تنفس بخطأ أحد ما دمت خاطئاً وإن تفعل بغير ذلك ملعون أنت وأنا شاهد بذلك .”

بهاء الله كلمات مكنونة

” لا تقل سوء فتسمعه ولا تعظم عيب الناس لكيلا يعظم عيبك .

 بهاء الله كلمات مكنونة

” ياابن الوجود ! كيف نسيت عيوب نفسك واشتغلت بعيوب عبادى من كان على ذلك فعليه لعنة منى .

 بهاء الله كلمات مكنونة “

بعد التأمل والتعمق والتفكر فى معانى هذه النصوص المباركه  لحضرة بهاء الله نجد أن أرواحنا ترتقى وتسمو وتصبح فى مقام أفضل مما كانت عليه . ومما نصحنا به حضرة بهاء الله أن الغيبة لها أثر سيئ على من يغتاب غيرة .

فما هو أثر الغيبة على من يستغيب ؟

إن الغيبه تقتل الروحانيات وتطفئ سراج القلب المنير .

كما علمنا أن ننتبه قبل ذكر أخطاء غيرنا .

فإلى ماذا يجب أن ننتبه قبل التفكر فى أخطاء الآخرين ؟

ننتبه إلى أن نتذكر عيوبنا ونضع أمام أعيننا الكلمة المكنونة ( ياابن الإنسان لا تنفس بخطأ احد مادمت خاطئاً وإن تفعل بغير ذلك ملعون أنت . وأنا شاهد بذلك )

وأن لا نعظم عيب الناس .

ماذا سيحدث لنا لو عظمنا عيب الناس ؟

سيرد لنا كل ما قلناه إستناداً للنص المبارك ( لا تقل سوء فتسمعه ولا تعظم عيب الناس لكيلا يعظم عيبك )

ماذا يجب علينا أن نتذكر عندما نفكر فى عيوب الآخرين ؟

نتذكر عيوبنا أولاً ونتذكر الكلمة المكنونة المذكورة أعلاه والمقصود منها هو أن الله يتكلم عن لسان حضرة بهاء الله بأن العبادهم عباده وانت يا عبد تركت عيوبك وإشتغلت بعيوب عباده وكأنك بتوجه العيب لله سبحانة وتعالى حاشى لله وهنا يحذرنا الله من غضبه ولعنه على من يستغيب .

ماذا يحدث لرقى روح الشخص الذى يركز على عيوب الآخرين ؟

إن الشخص الذى يركز على عيوب الآخرين تتندى روحه ولن تترقى ولن يصل إلى الملكوت السماوى .

هل يمكن أن تؤثر الغيبه على أى جامعه بشرية ؟ وما هو هذا التأثير ؟

نعم تؤثر الغيبة على  أى جامعه تأثيرات كثيرة وهى التفكك وعدم الوحدة والإتحاد وتضعف التأييدات الإلهية وتعيق الإصلاح العالمى وتحدث البرودة وتسبب الجفاء فى وسط الجامعه .

ماذا تفعل عندما يبدأ صديقك بذكر عيوب الآخرين ؟

ألتزم معه فى الحديث بلسان الشفقه حتى لا أحرجه وأحاول تغيير الموضوع بموضوع آخر وأحرص على ذكر حسنات الشخص الذى يغتابه  .

ملاحظات عن الغيبه :

* الغيبة هى ذكر عيوب الآخرين حتى ولو كانت هذه العيوب فيهم فعلاً.

*الغيبة هى ذكر عيوب الآخرين حتى ولو كان الحديث يشمل أيضاً حسناتهم .

* من الضرورى نشر ثقافه للجميع عن كيف نتخلص من الغيبه نهائياً حيث أنها أصبحت عادة منتشرة فى مجتمعنا .

* الغيبة هى الغيبة حتى ولو وعدنا المستمع بكتمان هذه الأسرار .

* الغيبة  ألد أعداء الوحدة والإتحاد .

* لا يجب التعود فى مجتمعاتنا على التحدث عن أخطاء الآخرين أو الإهتمام بأخبارهم وتصرفاتهم لأن من هنا ننزلق فى حبائل الغيبة اللعينه .

*عندما تسأل رسمياً من قبل قاضى فى محكمة بخصوص قضية ما عن صفات معينة فى شخص متهم أمام القضاء فعليك الإلتزام بذكر الحقيقة كاملة ولا تغشى أن تكون هذه غيبة لأنها شهادة حق أمام الله .

* من أهم العوامل التى تسبب فى الشفاء من الغيبة هو أن تتذكر مباشرة عيوبك الشخصيه .

* التكلم عن عيوب الآخرين هو غيبة حتى ولو كان الحديث بين الزوج وزوجته .

وإلى اللقاء قرياً إنشاء الله لإتمام هذه المواضيع فى تأملات فى حياة الروح .

& جريمة الدكتورة بسمة &

ماي 4, 2009

& جريمة الدكتورة بسمة &

وهذه المقالة أعجبتنى حقاً لما فيها من إنصاف فأحببت أن تشاركونى فى الإطلاع عليها حتى نشعر جميعاً بأن هناك إناس

مازالوا يتعاملون بمبدأ الإنصاف ، حيث أنه أحب الأشياء عند الله وإليكم نص المقالة وهو المنشور بجريدة الشروق بقلم الدكتور / علاء الأسوانى .

فى عام 1982 تم تعيينى فى وظيفة طبيب مقيم بقسم جراحة الفم فى كلية طب الأسنان.. وعينت معى فى نفس اليوم زميلة طبيبة اسمها بسمة. وقد عملت معها لمدة عام كامل فنشأت بيننا صداقة حقيقية ورأيت فيها نموذجا مصريا مشرفا سواء من الناحية الأخلاقية أو المهنية العلمية.

ثم تركت أنا العمل فى الجامعة وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة ولم أر صديقتى بسمة سنوات طويلة حتى قرأت عنها فى الصحف وعرفت أنها وقعت فى مشكلة كبيرة: فهى مولودة لأسرة بهائية، ولما أعلنت عن دينها فى قسم الجراحة التى تعمل فيه. أعلن عدد من الأساتذة (الجامعيين) ما اعتبروه حربا مقدسة ضد الدكتورة بسمة.. فتم إسقاطها عمدا فى كل الاختبارات التى دخلتها بالرغم من تفوقها الذى يشهد به الجميع. وكانت نيتهم المعلنة أن يتكرر رسوبها حتى يتم فصلها من الجامعة، بخلاف الاستهزاء الدائم بدينها والتهكم عليها واتهامها بالكفر من الصغير قبل الكبير.

وقد خاضت الدكتورة بسمة الحرب بشجاعة فهى مقتنعة بأنها لم ترتكب جرما ولم تفعل شيئا تخجل منه وهى تعلن أنها مصرية بهائية، وقد تقدمت بمئات الشكاوى إلى جميع المسئولين فى الدولة حتى نجحت أخيرا فى امتحان الدكتوراه بفضل تدخل رئيس الجامعة بنفسه ووقوف بعض الأساتذة المنصفين معها مثل الدكتور شريف المفتى والدكتور هانى أمين.. ومع ذلك رفض القسم أن يعينها لأنها بهائية واستصدر الأساتذة المتشددون ضدها فتوى من الأزهر بأنها مرتدة وقاموا بتوزيعها فى الجامعة مما أصابها بالرعب لأنه أصبحت معرضة للقتل فى أية لحظة.

لكن الدكتورة بسمة لم تيأس وظلت تحارب بشجاعة حتى انتزعت حقها وتم تعيينها فى الجامعة. على أن مشاكلها لم تنته عند ذلك فقد ثار الخلاف الشهير حول قيد البهائيين فى البطاقة مما أثار ضدهم المتطرفين من جديد.

وظهرت الدكتورة بسمة فى برنامج الصديق الأستاذ وائل الأبراشى، وظهر معها الأستاذ جمال عبدالرحيم، وهو صحفى يعتقد فيما يبدو أن لديه توكيلا إلهيا يعطيه الحق فى التفتيش على ضمائر الناس وأديانهم، وقد انهال على الدكتورة بسمة بكل أنواع الإهانات لمجرد أن لها دينا مختلفا عن دينه وقال لها بالحرف: «أنت مرتدة وتستحقين القتل».. مما يعد تحريضا على القتل فى جهاز إعلامى يراه ملايين الناس.

وقد أتى التحريض ثمرته فى اليوم التالى فتم إحراق منازل البهائيين بقرية الشورانية فى محافظة سوهاج، على أيدى متطرفين رأوا البرنامج واعتبروا ما يقوله الصحفى المحرض واجب التنفيذ.

والغريب أن من قاد هذا العدوان ضد الأبرياء الآمنين هو أمين الحزب الوطنى فى القرية الذى قال بعد ذلك أنه فخور بما فعل وأنه سيستمر فى إحراق منازل البهائيين وضربهم وطردهم حتى ولو كانوا أطفالا رضع.. وقد استمرت هذه الحملة الرهيبة فتم رفع دعاوى جديدة من بعض المشايخ يطالبون فيها بنزع الجنسية المصرية عن البهائيين.

كل هذه الأحداث المؤسفة تستحق مناقشة هادئة بعيدا عن الانفعال والأحكام المسبقة:

أولا: البهائية ديانة مستقلة، والبهائيون ليسوا مرتدين عن الإسلام لسبب بسيط أنهم لم يكونوا مسلمين فى يوم من الأيام.. والديانة البهائية موجودة فى مصر منذ عام 1864 وقد اعترفت الدولة المصرية بحقوق المصريين البهائيين من البداية. ففى عام 1934 وافقت الحكومة المصرية على إنشاء المحفل البهائى وتم تسجيله فى المحاكم المختلطة وفى عام 1940 وافقت الحكومة المصرية على إنشاء المعبد البهائى، وفى عام 1953 أمر الرئيس محمد نجيب بتخصيص قطعة من أراضى الدولة لتكون مقابر للبهائيين وفقا لمعتقداتهم الدينية.. وظلت الديانة البهائية تسجل رسميا فى البطاقة حتى ثارت هذه المشكلة الأخيرة.

وكان هناك من البهائيين شخصيات لامعة ومحترمة فى كل المجالات أشهرهم الفنان العظيم حسين بيكار الذى كان ملء السمع والبصر ولم يطالب أحد بقطع رأسه أو إحراق منزله. الدولة إذن لم تفاجأ بوجود بهائيين فى مصر بل على العكس، البهائيون هم الذين فوجئوا بإلغاء حقوقهم كمواطنين لأنهم يعتنقون دينا مختلفا عن دين الأغلبية فى مصر.

ثانيا: اضطهاد البهائيين والتحريض على قتلهم بهذا الشكل، يطرح السؤال هل مصر دولة حقا أم أنها إمارة تابعة لحركة طالبان ؟.. إذا كانت دولة فان المواطن المصرى يجب أن يتمتع بحقوقه كاملة مهما يكن دينه.. ومن المحزن أن نضطر إلى مناقشة المواطنة بعد قرن كامل من إرساء مفهومها فى مصر.. فقد قال الزعيم سعد زغلول فى أول خطبة له بعد عودته من المنفى: «لقد علمتنا الثورة أننا جميعا مصريون: يهودا وأقباطا ومسلمين».. هذا المفهوم الراقى للمواطنة الذى أنجزته ثورة 1919يتعرض الآن للتشويش بواسطة المتطرفين الذين تأثروا بالأفكار السلفية الوهابية المتخلفة.. قد يقول البعض إن تسامحنا يجب أن يقتصر على المسيحية واليهودية فقط لأنها ديانات سماوية بخلاف البهائية.. والحق أن تقسيم الأديان إلى سماوية وأرضية مسألة نسبية تماما لأن معظم الأديان يعتقد أصحابها أنها سماوية.. بل إن الأديان الثلاثة الكبرى نفسها لا تعترف ببعضها البعض.. فاليهودية لا تعترف بالمسيحية أو الإسلام والمسيحية لا تعترف بالإسلام.. ويظل الإسلام العظيم هو أكثر الأديان تسامحا لأنه يعترف بالأديان الأخرى جميعا ويحترمها.. وهذا التسامح هو الأساس الذى بنيت عليه الحضارة الإسلامية مجدها عندما قادت العالم كله نحو النهضة على مدى قرون.

ثالثا: إذا كنا نضطهد مواطنين مصريين مثلنا لمجرد أنهم يتبعون ديانة مختلفة فلا يحق لنا بعد ذلك أن نلوم الغربيين إذا أمعنوا فى اضطهاد المسلمين فى الغرب. والحق أنه لا مجال للمقارنة بين الحقوق التى يتمتع بها المسلمون فى الغرب وبين التضييق والتعنت والاضطهاد الذى يتعرض له المصريون البهائيون.

رابعا: إن عقوبة القتل للمرتدين عن الإسلام لم تكن قط محل إجماع الفقهاء. وهناك آراء فقهية معتبرة ترى أن المرتد لا يعاقب فى الدنيا وانما فى الآخرة. وهم يستندون فى هذا الرأى إلى عدة أدلة:

أولا : أن القرآن لم ينص على عقوبة للمرتد بل إنه على العكس قد كفل حرية العقيدة للناس جميعا عندما أرسى المبدأ العظيم «لا إكراه فى الدين».. ولو أراد الله أن يعاقب المرتد فى الدنيا لنص على عقوبة محددة فى كتابه الكريم كما فعل سبحانه وتعالى مع جرائم أقل من الكفر مثل الزنا والسرقة.

ثانيا: أن حكم قتل المرتد يستند إلى حديث شريف واحد هو «من بدل دينه فاقتلوه» وهو حديث أحادى لا يجوز الأخذ به فى ترتيب حكم بهذه الخطورة كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الحديث أثناء إحدى المعارك عندما لاحظ أن بعض المحاربين يتسللون من جيش المسلمين لينضموا إلى جيش الأعداء. فالمقصود بتبديل الدين هنا هو جريمة الخيانة العظمى وعقوبتها القتل فى القوانين الحديثة جميعا .

ثالثا: ثبت تاريخيا فى عدة حالات أن بعض الناس دخلوا الإسلام ثم ارتدوا عنه فلم يأمر الرسول بقتلهم.. إن خطورة حكم قتل المرتد أنه استعمل دائما فى التاريخ الإسلامى للتخلص من المعارضين السياسيين ومن المفكرين المجتهدين. كما أن قتل الناس بسبب عقيدتهم الدينية لا يتفق مع حقوق الإنسان ولا حرية العقيدة التى كفلها الإسلام العظيم.

منذ أيام صرح الشيخ القرضاوى بأنه والشيخ الجليل أبوزهرة وعلماء آخرون كانوا يؤجلون إعلان بعض آرائهم الفقهية اتقاء لهياج العامة والمتطرفين.. ونحن نحتاج فعلا الآن إلى شجاعة الفقهاء المجددين من أجل تخليص الفكر الإسلامى من الشوائب التى علقت به فى عصور الاستبداد والانحطاط.

إن قضية الدكتورة بسمة موسى والمواطنين المصريين البهائيين تؤكد من جديد ضرورة إقامة الدولة المدنية الديمقراطية فى مصر.. عندئذ سوف يتمتع المصريون جميعا بحقوق متساوية أمام المجتمع والقانون، بغض النظر عن الدين الذى يؤمنون به.. الديمقراطية هى الحل..

* بارك الله فيك يا دكتور علاء وأكثر من أمثالك المنصفين الذين نحن فى أشد الحاجه إليهم الآن لكى يتم إصلاح العالم .

حيث يتفضل حضرة بهاء الله  :

( لم يزل كان إصلاح العالم بالأعمال الطيبة الطاهرة والأخلاق الراضية المرضية )

* وألف ألف مبروك على الدرع الذى منحته لك كلية طب الفم والأسنان جامعة القاهرة فحقاً انت تستحق أكثر من ذلك بجدارة .

& بيكار فى عيون إبراهيم عيسى &

أفريل 11, 2009

نشرت اليوم 2009/11/4 جريدة الأخبار هذا المقال عن الفنان الكبير حسين

بيكار رحمه الله

جبهة جهنمية لگراهية الآخــــــــــــــــر‮!‬

بقلم : إبراهيم سعده

ـ‮ [ ‬عشت عمري في الأخبار مع الفنان العظيم‮ »‬بيكار‮« ‬الذي كان بهائياً،‮ ‬ولم‮ ‬يكن ذلك‮ ‬يعني أحداً‮ ‬لأننا كنا زمان متحضرين نعرف أن الدين لله‮. ‬وكان بيكار نموذجاً‮ ‬للخلق الرفيع والشفافية وعفة اللسان والتواضع‮. ‬وكان‮ ‬يكتفي بالضحك عندما أروي نوادره،‮ ‬كذلك الضابط الانجليزي الذي استفزه في مناقشة وطنية فقال له بيكار أول وآخر شتمة في حياته‮: »‬اذهب إلي الجحيم‮«.. ‬ثم ظل بيكار‮ ‬يبحث طويلاً‮ ‬عن الضابط ليرجوه ألا‮ ‬يذهب للجحيم‮].‬

هذه كلمات كتبها الأستاذ أحمد رجب في‮ »‬الأخبار‮« ‬ـ أمس الأول ـ وقد أعادتني إلي ذكريات هذا الزمن الجميل الذي لم‮ ‬يكن فيه موضع قدم للمتعصبين،‮ ‬المتطرفين،‮ ‬وكارهي الآخرين‮. ‬

ما قاله الصديق العزيز أحمد رجب عن بيكار و زمانه،‮ ‬شجعني علي أن أعيد نشر ما كتبته عن الراحل الكبير الفنان حسين بيكار في أول‮ ‬يوليو2000،‮ ‬بمناسبة فوز فناننا الكبير بجائزة مبارك في الفنون‮. ‬

‮< < <‬

تحت عنوان‮: »‬بيكار‮«.. ‬كما نعرفه،‮ ‬كتبت أقول‮:‬

سعدت كل السعادة بفوز الفنان العملاق حسين بيكار بجائزة مبارك في الفنون،‮ ‬أرفع جائزة‮ ‬يمنحها المجلس الأعلي للثقافة‮.. ‬في هذا العام‮.‬

والفنان بيكار‮ ‬يعرفه الرأي العام المتابع للإبداع والفنون،‮ ‬وليس في حاجة للتعريف به أو الحديث عن فنه،‮ ‬وعبقريته،‮ ‬ولوحاته‮.. ‬خلال مشواره الطويل:أستاذاً‮ ‬في كلية الفنون الجميلة،‮ ‬ثم فناناً‮ ‬متفرغاً‮ ‬في دار أخباراليوم منذ الخمسينيات وحتي اليوم‮.‬

الفنانون المتخصصون هم الذين‮ ‬يمكنهم أن‮ ‬يحدثونا عن موهبة وإبداع هذا الفنان العظيم،‮ ‬أما نحن الذين لم ندرس الفنون التشكيلية فإننا نكتفي بالإعجاب والانبهار ونحن نقف أمام لوحاته ـ المنشورة في الصحف والمجلات،‮ ‬والمعلقة علي جدران المعارض الفنية،‮ ‬وفي بيوت سعداء الحظ الذين حظوا باقتناء لوحات أبدعتها ريشة الفنان الكبير»بيكار‮«.‬

إعجابي،‮ ‬وانبهاري،‮ ‬بإبداع بيكار‮ ‬يرجع إلي عقود عديدة ماضية‮. ‬فوقتها كنت في المدرسة الابتدائية عندما أصدرت دار المعارف مجلة الأطفال الشهيرة‮ »‬سندباد‮« ‬التي رأس تحريرها الأديب الكبير الراحل محمد سعيد العريان،‮ ‬وكان الفنان بيكار هو الوحيد الذي كان‮ ‬يرسم‮ ‬غلافها،‮ ‬وشخصيات موضوعاتها وقصصها ـ وأبرزها طبعاً‮ ‬رحلات سندباد في عالم الغرائب والمغامرات ـ بريشته الساحرة،‮ ‬وخطوطه التي‮ ‬ينفرد بها‮.‬

وبعد توقف مجلة‮ »‬سندباد‮« ‬انتقل بيكار إلي دار أخباراليوم حيث كان‮ ‬يرسم أغلفة كتبها،‮ ‬ومجلاتها،‮ ‬وأبطال قصصها القصيرة أو الطويلة التي كان‮ ‬يكتبها كبار القصاصين والروائيين في ذاك الزمان‮.‬

هذه السيرة البسيطة لا جديد فيها‮. ‬فالملايين‮ ‬يعرفون صاحبها عن بعد من خلال متابعة إبداعاته المنشورة‮ ‬يومياً،‮ ‬وأسبوعياً،‮ ‬وشهرياً،‮ ‬وفصلياً‮.. ‬لكن الذين تعرّفوا علي بيكار عن قرب،‮ ‬وزاملوه وتتلمذوا علي‮ ‬يديه،‮ ‬وتعاملوا معه في‮ ‬كلية الفنون الجميلة،‮ ‬و دار المعارف،‮ ‬و دار أخبار اليوم،‮ ‬وغيرها‮..‬يمكنهم أن‮ ‬يحدثونا عما لا نعرفه عن هذا الإنسان نادر الوجود في تعاملاته،‮ ‬و تواضعه،‮ ‬وسمو أخلاقه‮.‬

يوم الثلاثاء الماضي‮ .. ‬كتب الزميل الأستاذ سعيد سنبل ـ في‮ »‬الأخبار‮« ‬ـ عن واقعة قديمة جداً‮ ‬تؤكد هذه المعاني والصفات التي‮ ‬يتميز بها بيكار،‮ ‬وكيف أنه استقال من عمله أستاذاً‮ ‬بكلية الفنون الجميلة ليتفرّغ‮ ‬لعمله في صحف ومجلات دار أخباراليوم‮.‬

ويروي الأستاذ سعيد سنبل موقفاً‮ ‬ـ لم أكن أعرفه ـ من مواقف الفنان بيكار التي انفرد بها‮. ‬حدث أن كلفه أستاذنا الراحل علي أمين ـ في الخمسينيات ـ بالقيام بأعمال إضافية إلي جانب عمله الأساسي في الدار‮. ‬وعندما انتهي بيكار من تنفيذ ما كُلّف به،‮ ‬أصدر الأستاذ علي أمين قراراً‮ ‬بصرف مكافأة للفنان بيكار نظير هذا العمل الإضافي،‮ ‬لكن بيكار رفض المكافأة و برر رفضه لعلي أمين قائلاً‮:‬

ـ‮ [‬قد راجعت عقد عملي مع دار‮ ‬أخباراليوم فاكتشفت أن المرتب الذي أتقاضاه‮ ‬يشمل عملي الأساسي وأية أعمال إضافية أكلف بها‮].‬

‮ ‬واختتم سعيد سنبل مقاله بالسطور التالية‮: ‬

ـ‮ »‬و ضرب علي أمين كفاً‮ ‬بكف،‮ ‬فلم‮ ‬يصدق ما سمعه،‮ ‬وظل علي أمين‮ ‬يروي هذه الواقعة ويرددها كلما جاءت سيرة بيكار ليدلل بها علي مدي نقاء وأمانة وزهد وشفافية هذا الإنسان‮«. ‬

‮< < <‬

ولم‮ ‬يتغير بيكار في الخمسينيات عنه في التسعينيات‮. ‬

لقد شرّفني بزيارته في مكتبي ـ منذ ثلاث سنوات ـ ليقول لي‮:‬

ـ‮ [ ‬إنني أكتب مقالاً‮ ‬أسبوعياً‮ ‬في الصفحة الأخيرة في‮ »‬الأخبار‮« ‬مزوداً‮ ‬بلوحة توضيحية لموضوع المقال‮. ‬لقد التزمت بعملي هذا طوال العقود العديدة الماضية وللأسف شعرت الآن بأن حالتي الصحية لا تسمح لي بهذا الالتزام،‮ ‬ورأيت أن أكتفي برسم لوحة أسبوعياً‮ ‬في نفس المكان وبدون مقال‮] .‬

وحاولت إقناع بيكار بالاستمرار في كتابة مقاله المميز،‮ ‬لكنه صمم علي الاعتذار علي عدم كتابته لظروفه الصحية‮. ‬وهذا حقه طبعاً‮. ‬وكم دهشت عندما استأنف حديثه قائلاً‮:‬

ـ‮ [ ‬إنني أتقاضي مرتبي مقابل الرسم وكتابة المقال الأسبوعي،‮ ‬وبما أنني سأتوقف عن الكتابة فقررت الاكتفاء بتقاضي نصف المرتب فقط‮].‬

ومن ذهولي لما سمعته من بيكار،‮ ‬بذلت كل ما في استطاعتي من أجل اقناعه بالإبقاء علي المرتب لأنه ضئيل جداً‮ ‬بالنسبة للوحة البديعة التي‮ ‬يرسمها أسبوعياً،‮ ‬سواء أرفقها بمقال أم لا‮. ‬وفشلت محاولاتي‮.. ‬وقام بيكار ليصافحني مغادراً‮ ‬المكتب وكأنه لم‮ ‬يذهلني بما قاله،‮ ‬وما‮ ‬يصر عليه‮!‬

و مواقف بيكار المذهلة لا تنتهي‮..‬

فهناك واقعة ثالثة أكثر ذهولاً‮ ‬من الواقعتين السابقتين‮:‬

منذ شهور قليلة ماضية‮.. ‬تلقيت مكالمة من الأستاذ سعيد سنبل قال فيها‮: [ ‬لقد تقابلت مع الدكتور محمد عبدالوهاب ـ مدير كايرو سكان ـ وعلمت منه أن الفنان بيكار‮ ‬يمر بظروف صحية صعبة،‮ ‬وأثبتت الفحوص الطبية ضرورة سفره للعلاج في الخارج،‮ ‬لكنه ـ أي بيكار ـ لم‮ ‬يتحمس للاقتراح ويبدو أنه ـ كما فهم الدكتور محمد عبدالوهاب ـ لا‮ ‬يملك تكاليف السفر والعلاج في أحد المستشفيات المتخصصة في أوروبا أو أمريكا‮]. ‬

وكانت هذه المرة الأولي التي أسمع فيها عن تدهور صحة فناننا الكبير،‮ ‬وترددت في الاتصال به تليفونيا لثقتي في أنه سينزعج جداً‮ ‬من مجرد معرفتي بحالته الصحية المتدهورة،‮ ‬فما بالنا إذا اقترحت عليه قيام المؤسسة بواجبها،‮ ‬وأبسط حقوقه عليها؟‮!‬

و اتصلت تليفونيا بالدكتور عاطف عبيد ـ رئيس مجلس الوزراء ـ وأبلغته بتدهور صحة فناننا الكبير،‮ ‬وتأثر الدكتور عاطف عبيد كثيراً‮ ‬مما سمعه مني،‮ ‬وقال في فن بيكار الكثير مما‮ ‬يقوله المنبهرون بإبداعه وفنه وموهبته النادرة‮. ‬ولم‮ ‬ينتظر رئيس الوزراء سماع طلبي،‮ ‬فبادرني بطلب سرعة إرسال التقرير الطبي لحالة بيكار لأنه سيصدر الآن قراراً‮ ‬بسرعة سفره للعلاج في الخارج علي نفقة الدولة‮.‬

ولم‮ ‬يعلم بيكار بأي شيء عما فعلناه‮.. ‬إلاّ‮ ‬بعد أن انتهت كل الترتيبات لسفره،‮ ‬وحجز‮ ‬يوم دخوله أحد مستشفيات باريس المتخصصة‮. ‬

وجاء بيكار إلي مكتبي ومعه تلميذه الوفي الفنان المبدع‮ ‬يوسف فرنسيس،‮ ‬وفاجأني بأنه لا‮ ‬يريد السفر،‮ ‬لأنه‮ ‬يشعر بتحسن صحته وأن ما‮ ‬يشكو منه لا‮ ‬يستدعي العلاج في باريس وتحميل الدولة نفقاته الباهظة‮. ‬

واحتجنا ـ الفنان‮ ‬يوسف فرنسيس‮ ‬،‮ ‬وأنا ـ وقتاً‮ ‬وجهداً‮ ‬حتي نجحنا أخيراً‮ ‬في إقناعه بضرورة السفر لتلقي العلاج الضروري‮.‬

فنان‮ .. ‬يجمع بين الموهبة الفذة،‮ ‬والنقاء النادر في هذه الأيام،‮ ‬كان من البديهي والطبيعي أن‮ ‬يفوز بجائزة مبارك في الفنون‮.. ‬أرفع وأعظم جائزة مصرية في هذا العام‮ .‬

هذا ما كتبته في‮ »‬أخباراليوم‮« ‬عن الفنان بيكار في العدد الذي صدر بتاريخ‮ ‬2000‭/‬7‭/‬1‮ ‬،‮ ‬وأعدت نشره اليوم تأثراً‮ ‬بما كتبه الأستاذ أحمد رجب في‮ »‬الأخبار‮« ‬أمس الأول عن الزميل الراحل حسين بيكار،‮ ‬الذي كان البعض‮ ‬يعلم أنه من البهائيين،‮ ‬ولم‮ ‬يكن ذلك‮ ‬يعني أحداً‮ ‬لأننا كنا ـ وقتذاك ـ متحضرين،‮ ‬ونعرف أن الدين لله‮.. ‬كما كتب ـ بحق ـ الأستاذ أحمد رجب‮. ‬

شتان الفارق بين أمس البعيد‮.. ‬واليوم‮ .‬

‮ ‬بالأمس‮.. ‬كنا لا نفرق بين الناس علي خلفية أديانهم ومعتقداتهم،‮ ‬لأن الدين لله والوطن للجميع‮.. ‬والتفرقة كانت مقصورة علي من الأفضل بحسن تعامله،‮ ‬و حبه للآخرين،‮ ‬وسمو أخلاقه،‮ ‬واحترامه للرأي والرأي المعارض‮. ‬بهذه المقاييس كان الفنان حسين بيكار‮ ‬يحظي بالأولوية المطلقة في حب كل من عرفه واقترب منه‮. ‬ولم‮ ‬يحدث أن مثلت البهائية شائبة في هذا الحب‮.‬

أما اليوم‮.. ‬فيكفي أن نسمع من‮ ‬يحرض علي قتل البهائيين المصريين،‮ ‬ومن‮ ‬يسارع بحرق منازلهم،‮ ‬و طردهم إلي الشارع ومطاردتهم من قرية إلي أخري‮.. ‬لنعرف كيف تغلغل الجهل في عقولنا،‮ ‬وشكل مع كراهية الآخر،‮ ‬جبهة جهنمية للعنف والقتل‮.. ‬أصبحت ـ شئنا أم أبينا ـ بصمة عار علي جبين مصر‮.

* كلمة شكر وتقدير للأستاذ النبيل المنصف ( إبراهيم عيسى ) بارك الله فيك سيدى الفاضل وأكثر من

أمثالك .

* فى الحقيقة فإن هذه المقاله أثرت فىّ جداً وشعرت أنه من واجبى أن تشاركونى فى قراءة هذه السطور

التى وإن دلت فإنما تدل على مدى نقافة وإحترام الآخرين .

* حقاً فإن هذه الثقافه تكسب صاحبها مرونة فى التفكير ومقدرة على تقبل وجهات نظر الآخرين بصدر

رحب .

* فالتسامح وإحترام الآخرين يخلق جو من التفاهم والود اللازمين لبناء عالم أفضل .

* تعالوا معاً نتدرب على ثقافة التسامح وإحترام الآخرين فعندها لا نسمح للخلافات أن تفرقنا بل نعمل معاً

لإزالتها مدركين أن قوتنا هى فى تنوعنا وإتحادنا معاً فى نفس الوقت .

يتفضل حضرة بهاء الله فى الكلمات المنزله عليه من عند الله :

( أن أنيروا قلوبكم وطهروها من أشواك الضغينة والبغضاء ، انكم أهل عالم واحد

وخلقتم بكلمة واحدة ، فطوبى لنفس تعاشر كل الأنام بتمام المحبة والوئام )